في دعائم الكفر















في دعائم الکفر



1/460- قال علي عليه‏السلام:

والکفر علي أربع دعائم: علي التعمّق والتنازع، والزيغ والشقاق، فمن تعمّق لم يُنب إلي الحق، ومن کثر نزاعه بالجهل دام عماه عن الحق، ومن زاغ ساءت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، وسَکَرَ سُکْرَ الضلالة، ومن شاق وُعِرَت عليه طُرقه وأعضل عليه أمره وضاق مخرجه.

والشک علي أربع شعب: علي التماري والهوي والتردد والإستسلام، فمن جعل المِراء دَيدَناً لم يصبح ليله، ومن هاله ما بين يديه نکص علي عقبيه، ومن تردّد في الريب وطئته سنابک الشياطين، ومن استسلم لهلکة الدنيا والآخرة هلک فيها.[1].

2/461- محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسي، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن عمر بن اُذينة، عن أبان بن أبي‏عيّاش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أميرالمؤمنين عليه‏السلام قال:

[صفحه 199]

بني الکفر علي أربع دعائم: الفسق والغلوّ، والشک، والشبهة، والفسق علي أربع شعب: علي الجفاء والعمي والغفلة والعتوّ، فمن جفا احتقر الحق ومقت الفقهاء وأحرَّ علي الحنث العظيم، ومن عمي نسي الذکر واتّبع الظنّ وبارز خالقه وألحّ عليه الشيطان، وطلب المغفرة بلا توبة ولا إستکانة ولا غفلة، ومن غفل جني علي نفسه وانقلب علي ظهره، وحسب غيّه رشداً، وغرّته الأماني وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الأمر وانکشف عنه الغطاء، وبدا له ما لم يکن يحتسب، ومن عتا عن أمر اللَّه شکّ ومن شکّ تعالي اللَّه عليه فأذّله بسلطانه وصغّره بجلاله، کما اغترّ بربّه الکريم وفرّط في أمره.

والغلوّ علي أربع شعب: علي التعمّق بالرأي والتنازع فيه، والزيغ والشقاق، فمن تعمّق لم ينب إلي الحق، ولم يزدد إلّا غرقاً في الغمرات، ولم تنحسر عنه فتنة إلّا غشيته اُخري، وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج، ومن نازع في الرأي وخاصم شهر بالفشل (أي الحمق) من طول اللجاج، ومَن زاغَ قبحت عنده الحسنة وحسنت عنده السيئة، ومن شاقّ أعورّت عليه طرقه واعترض عليه أمره، فضاق مخرجه إذا لم يتّبع سبيل المؤمنين.

والشک علي أربع شعب: علي المرية والهوي والتردّد والإستسلام، وهو قول اللَّه عزّ وجلّ: «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّکَ تَتَمَارَي»،[2] وفي رواية اُخري: علي المريّة والهول من الحق والتردّد والإستسلام للجهل وأهله، فمن هاله ما بين يديه نکص علي عقبيه، ومن إمتري في الدين تردّد في الريب وسبقه الأوّلون من المؤمنين وأدرکه الآخرون، ووطئته سنابک الشيطان، ومن استسلم لهلکة الدنيا والآخرة هلک فيما بينهما، ومن نجا من ذلک فمن فضل اليقين، ولم يخلق اللَّه خلقاً أقلّ من اليقين.

[صفحه 200]

والشبهة علي أربع شعب: إعجاب بالزينة، وتسويل النفس، وتأويل العوج، ولبس الحق بالباطل، وذلک بأنّ الزينة تصدف عن البيّنة، وأنّ تسويل النفس تقحم علي الشهوة، وأنّ العوج يميل بصاحبه ميلاً عظيماً، وأنّ اللّبس ظلمات بعضها فوق بعض، فذلک الکفر ودعائمه وشعبه.

وقال: والنفاق علي أربع دعائم: علي الهوي والهوينا والحفيظة والطمع، فالهوي علي أربع شعب: علي البغي والعدوان والشهوة والطغيان، فمن بغي کثرت غوائله وتُخلّي منه وقصّر عليه (ونصر عليه)، ومن اعتدي لم يؤمن بوائقه، ولم يسلم قلبه، ولم يملک نفسه عن الشهوات، ومن لم يعذل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات، ومن طغي ظلّ علي عمد (العمل) بلا حجة.

والهوينا علي أربع شعب: علي الغرّة والأمل والهيبة والمماطلة، وذلک لأنّ الهيبة تردّ عن الحق، والمماطلة تفرّط في العمل حتّي يقدم عليه الأجل، ولولا الأمل علم الإنسان حسب ما هو فيه، ولو علم حسب ما هو فيه مات خُفاتاً من الهول والوجل، والغرّة تقصّر بالمرء عن العمل.

والحفيظة علي أربع شعب: علي الکبر والفخر، والحمية والعصبية، فمن استکبر أدبر عن الحق، ومن فخر فجر، ومَن حَمي أصرّ علي الذنوب، ومن أخذته العصبية جار، فبئس الأمر، أمر بين إدبار وفجور، وإصرار وجور علي الصراط.

والطمع أربع شعب: الفرح والمرح، واللجاجة والتکاثر؛ فالفرح مکروه عند اللَّه، والمرح خيلاء، واللجاجة بلاء لمن اضطرّته إلي حمل الآثام، والتکاثر لهو ولعب وشغل، واستبدال الذي هو أدني بالذي هو خير، فذلک النفاق ودعائمه وشعبه، واللَّه قاهر فوق عباده تعالي ذکره وجلّ وجهه وأحسن کلّ شي‏ء خلقه وانبسطت يداه ووسعت کلّ شي‏ء رحمته، فظهر أمره وأشرق نوره، وفاضت برکته، واستضاءت

[صفحه 201]

حلمه حکمته وهيمن کتابه، وفلجت حجّته وخلص دينه، واستظهر سلطانه، وحقّت کلمته، واُقسطت موازينه، وبلّغت رسله، فجعل السيئة ذنباً، والذنب فتنةً، والفتنة دنساً، وجعل الحسني عتبي، والعتبي توبة، والتوبة طهوراً، فمن تاب اهتدي ومن افتتن غوي، ما لم يتب إلي اللَّه ويعترف بذنبه، ولا يهلک علي اللَّه إلّا هالک.

اللَّه اللَّه فما أوسع ما لديه من التوبة، والرحمة والبشري والحلم العظيم، وما أنکل ما عنده من الأنکال والجحيم والبطش الشديد، فمن ظفر بطاعته اجتلب کرامته، ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته، وعمّا قليل ليصبحنّ نادمين.[3].

[صفحه 202]


صفحه 199، 200، 201، 202.








  1. البحار 348:68؛ روضة الواعظين: 43؛ نهج‏البلاغة: قصار الحکم 31.
  2. النجم: 55.
  3. الکافي 391:2؛ البحار 116:72 وفي 384:68 أيضاً؛ وسائل الشيعة 271:11.